الخميس، 8 يونيو 2017

لماذا ينسى مريض فقدان الذاكرة الأحداث ويتذكر ما تعلمه في حياته؟

فقدان الذاكرة
إن فقدان الذاكرة من أكثر الأمراض غموضاً في الطب و أكثرها إثارة لدهشة الناس عامة ؛ لما يلفها من غموض لا ينفصل عن غموض و تعقيد المخ الذي هو مخزن ذكرياتنا، لكن هل فقدان الذاكرة له نوع واحد فقط ؟ و هل فقدان الذاكرة دائم ؟ و ما هي أسبابه ؟ و كيف نحمي أنفسنا من فقدان الذاكرة ؟ كل هذه الأسئلة سوف نجيب عليها في جولتنا التالية مع فقدان الذاكرة، كما سنتعرض لسؤال هام ، ألا و هو هل فقدان الذاكرة يعني أننا ننسى مشاعرنا ؟ ننسى من منحونا السعادة ؟ ومن شعرنا تجاههم بالحب ؟ ولماذا ينسى المريض أداث في حياته ولا ينسى الأشياء التي تعلمها؟

فقدان ذاكرة الهوية Dissociative Amnesia

في هذا النوع من فقدان الذاكرة يفقد الشخص فجأة ذاكرته العميقة الخاصة بهويته و المعلومات الأساسية عنه كاسمه وتاريخ حياته .

هذا النوع من فقدان الذاكرة عادة ما يصاحب الحوادث و الصدمات ذات الوقع النفسي القوي مثل : رؤية حادثة فقدان شخص مقرب ، التعرض لاعتداء بدني أو نفسي عنيف ، التعرض لحادث مفاجئ و قوي ، الشعور القوي بالذنب نتيجة فعل إجرامي ما ، الوقوع ضحية نزاعات مسلحة.

تصوير المخ بـ الرنين المغناطيسي في مثل هذه الحالات لا يكشف أي خلل في بنية المخ ؛ حيث يكون السبب وراء هذا النوع من فقدان الذاكرة نفسي و ليس عضوي .

لذا تكون الاحتمالات عالية لعودة الذاكرة لكثير من المرضى بمجرد خروجهم من الظروف النفسية القاسية التي حفزت حدوث فقدان الذاكرة، فقد يجد المريض نفسه بين ليلة و ضحاها يتذكر أغلبية المعلومات التي نسيها، لكن تبقى هناك نسبة من المرضى تتحسن ببطء ، و نسبة أقل من المرضى بهذا النوع من فقدان الذاكرة لا يستعيدون ذاكرتهم ابداً .

اقرأ أيضا: طرق علاج فقـدان الذاكرة وأهم أسبابها

فقدان الذاكرة الكلي العابر Transient Global Amnesia

هذا النوع من فقدان الذاكرة يتسم بأن المريض ينسى فجأة جميع أحداث حياته السابقة ، و يجد صعوبة في تكوين ذكريات جديدة لاحقاً، و يرتبط هذا النوع من فقدان الذاكرة ببعض الحالات مثل : الصداع النصفي المتقدم كنوع من المضاعفات، خلل الدورة الدموية للمخ مع الجلطات ، تناول الكحوليات و بعض المواد الكيميائية المؤثرة على المخ .

و يتسم هذا النوع من فقدان الذاكرة بكونه عابراً و يبقى فقط لفترة قصيرة عادة لا تتجاوز 24 ساعة ، بعدها يبدأ الشخص تدريجياً في استعادة ذاكرته .

فقدان الذاكرة المستقبلية Anterograde Amnesia

هذا النوع من فقدان الذاكرة هو الأكثر شيوعاً بمصاحبة حوادث و إصابات المخ ؛ حيث يستيقظ المريض بعد تعافيه و هو متذكر أغلبية الأشياء عن ماضيه و كافة تفاصيل حياته ، لكنه لا يستطيع تكوين ذكريات جديدة .

اقرأ أيضا: ما مدى خطورة إصابات الرأس وكيفية التعامل معها؟

فقدان الذاكرة لا يعني فقدان العواطف

هناك قول مأثور يقول : ” قد تنسى ما قاله الناس لك أو فعلوه بك ، لكنك أبداً لن تنسى كيف شعرت تجاههم ”

حاول فريق بحثي من جامعة واشنطن التأكد من نفس المبدأ على المرضى بفقدان الذاكرة ؛ حيث قاموا بتحفيز مشاعر الحزن و السعادة لدى المرضى من خلال مشاهدة أفلام مصممة خصيصاً لذلك ، و من ثم تركوا المرضى فترة كافية لينسوا الحدث بسبب مرضهم .

بعد ذلك أجرى الباحثون تقييم للحالة العاطفية للمرضى بعد أن نسوا الفيلم الذي تعرضوا له ، و قد وجدوا مفاجأة كبيرة مفادها أن المرضى استمرت لديهم مشاعر الحزن و الفرح رغم نسيانهم للسبب وراء هذه المشاعر .

و هنا نتذكر تلك القصة عن الكاتب الكبير الذي كان مصاباً بألزهايمر ، عندما جلس بجوار صديقه و قال له : ” لا أتذكر من أنت ، و لكني أتذكر أني أحبك”، حسناً ربما الأمر ليس مجرد مبالغة درامية كما نتصور .

لماذا يتذكر المريض القراءة و الكتابة و قيادة السيارة ؟

ظل هذا السؤال من أكثر الاسئلة غموضا لباحثي أمراض فقدان الذاكرة ، لكن مع الوقت تطورت نظرية تقسيم الذاكرة إلى نوعين : ذاكرة تقريرية و هي الذاكرة بمفهومها المعتاد لنا التي تحمل معلومات و حقائق عن الإنسان و حياته ، معلومات يمكن أن يقولها الإنسان سردا بالكلام .

أما النوع الثاني فهو الذاكرة المهارية ، و التي تتضمن المهارات التي تعلمها الإنسان بالتدريب الحركي و التكرار على مدار سنوات عمره مثل القراءة و الكتابة وقيادة السيارة .

مع تطور وسائل تصوير الدماغ بالأشعة تطورت هذه النظرية لتفترض أن المسئول الأول عن الذاكرة التقريرية الفص الصدغي و الهيبوكامبس (جزء صغير بمنتصف المخ) ، بينما تعتمد الذاكرة المهارية على مناطق أخرى من الدماغ مثل المخيخ و اللوزة الدماغية ، لذا فإن الإصابات التي تصيب مراكز الذاكرة التقريرية لا تؤثر غالبا على ذاكرة المهارات التي اكتسبها الإنسان طوال حياته .

لكن كعادة أبحاث المخ و الذاكرة دوما ، ما إن يضع علماؤها نظرية تبدو ثابتة تظهر حالة جديدة تشكك في الافتراض السابق ، و هذا ما حدث هنا عندما ظهرت بعد هذه النظرية حالات فقدان ذاكرة شملت نوعي الذاكرة التقريرية و المهارية معا ، فأصبح المريض فاقد لقدرته السابقة على القراءة و الكتابة و الكثير من المهارات الحركية التي كان يتقنها .

كيف نحمي أنفسنا من فقدان الذاكرة ؟

  • تعلم مهارات جديدة باستمرار يحفز مخنا على تطوير ذاكرة قوية .
  • قضاء وقت كافي مع العائلة و الأصدقاء ايضاً يعزز من الذاكرة و القدرات الإدراكية .
  • استخدام قوائم المهام و الملاحظات الذكية أيضاً يساعد ذاكرتنا من خلال تكرار تعرضها لقراءة الأمور المهمة لنا .
  • ممارسة الرياضة بانتظام تعزز من الدورة الدموية الواصلة للمخ و بالتالي تحسن الذاكرة ضمن كثير من الوظائف الإدراكية الأخرى .
  • تجنب التدخين و الكحوليات له تأثير درامي في الحفاظ على الذاكرة .
  • تجنب المواد المخدرة يحمي الانسان من مخاطر شديدة لفقدان الذاكرة .
  • الطعام الصحي المتكامل بكافة أنواع الفيتامينات و الأملاح المعدنية يعزز الذاكرة و القدرات الادراكية .
  • الحصول على مساعدة طبية مبكرة في حالة ملاحظة مشاكل في القدرة على التذكر يساعد على التدخل المبكر في حالة وجود مشكلة مرضية .

احكي لنا قارئنا العزيز .. هل قابلت مريض مصاب بفقدان الذاكرة في حياتك من قبل ؟ و ماذا كان نوع فقدان الذاكرة لديه ؟

اقرأ أيضا:

The post لماذا ينسى مريض فقدان الذاكرة الأحداث ويتذكر ما تعلمه في حياته؟ appeared first on كل يوم معلومة طبية.

from كل يوم معلومة صحية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق