الخميس، 27 أبريل 2017

الحالة الغريبة لريبيكا شاروك: تتذكر أدق تفاصيل حياتها منذ أن كانت بعمر 12 يومًا!

فكرة أن تتذكر كافة وأدق تفاصيل حياتك وتحملها معك طيلة الوقت في عقلك بحيث يمكنك استحضارها ومطالعتها من جديد زاهية وحادة التفاصيل كما كانت أول مرة، قد تبدو لنا نعمة وموهبة خارقة. لكنها في الحقيقة قد تمثل كابوسًا لا ينتهي من الإزعاج والقلق. اسألوا ريبيكا شاروك عن هذا الأمر، فهو ما يحدث معها تمامًا منذ أن كانت بسن 12 يومًا فقط حتى الآن وقد بلغت 27 عامًا!

الأسترالية ريبيكا شاروك Rebecca Sharrock هي واحدة من 80 شخصًا فقط على مستوى العالم بأسره ممن يعانون من حالة هايبرثيميسيا hyperthymestic syndrome أو متلازمة فرط الاستذكار Highly Superior Autobiographical Memory- HSAM، وهي حالة مرضية نادرة تجعل الشخص المصاب بها يتذكر كل لحظة في حياته بكل تفاصيلها ولا ينسى شيئًا مهما مرت السنوات! وبقليل من التفكير، ستجدون الأمر مريعًا وجذابًا في الوقت نفسه ولدرحة لا تصدق!

حالة ريبيكا الغريبة والنادرة تمنحها قدرات ذهنية خارقة فيما يتعلق بالذاكرة، حيث يمكنها تذكر واستدعاء أي تفصيلة أو ذكرى من حياتها السابقة، بما في ذلك الهدابا التي تلقتها في عيد ميلادها الأول وكذلك لون الفستان الذي ارتدته حينها! ليس هذا فحسب، فحالة ريبيكا تجعلها قادرة على حفظ المعلومات واسترجاعها وقت الحاجة بذاكرة فوتوغرافية تستطيع معها أن تسرد قصص هاري بوتر التي قرأتها كاملة دون تفويت جملة واحدة وكأنما تقرا مباشرة من الكتاب!

وهي تتذكر كذلك ما حدث لها بسن 12 يومًا! حيث تتذكر قيام والديها بإجلاسها على مقعد القيادة في سيارتهما قبل التقاط صورة لها!

حملني والديّ إلى مقعد القيادة بالسيارة (كانت تلك فكرة أبي) وأجلساني وراء عجلة القيادة لالتقاط صورة لي. وكرضيعة بعمر أيام معدودة في هذه الدنيا، كنت أشعر بالفضول تجاه فرش المقعد المزخرف وكذلك عجلة القيادة التي تعلوني؛ بالرغم من أني بالطبع لم أكن قادرة بعد على النهوض واستكشاف تلك الأشياء الغريبة التي تثير فضولي …

يبدو هذا عسير التصديق بالطبع، وكنا لننكره نحن كذلك لولا أن ريبيكا قد خضعت لفحوص واختبارات ذاكرة أثبتت حالتها الطبية النادرة للغاية. ثم تستطرد ريبيكا في مدونتها كيف أنها اعتادت التحديق في الألعاب المعلقة فوقها بينما تستلقي في سريرها الصغير وكذلك متابعة المروحة الموضوعة إلى جانب فراشها. بالإضافة إلى تفاصيل أخرى عديدة مثل كيف أصابها الفستان المصنوع من الساتان والذي ارتدته في عيد مولدها الأول بالحكة الشديدة، وكيف أن لعبة ميني ماوس المحشوة قطنًا كانت تثير رعبها. وفي سن 18 شهرًا، تقول ريبيكا أنها تتذكر كيف بدأت تحلم للمرة الأولى أثناء النوم! هذا كثير وجنوني يا ريبيكا!

ريبيكا ليست الوحيدة بحالة HSAM كما أشرنا؛ وإن كانت الحالات الأخرى لا يتعدى عددها 80 حالة… 80 من بين 7.4 مليار بشري حول العالم! ومن بين الحالات الأخرى المعدودة للهايبرثيميسيا، هناك الأمريكية أليكساندرا وولف Alexandra Wolff التي تبلغ من العمر حاليًا 25 عامًا و”تعاني” أو “تستمتع” بحالة مطابقة لريبيكا منذ الطفولة المبكرة! لا أعلم هل الأمر أكثر شيوعًا وميلًا للحدوث بين الإناث أكثر من الذكور أم أن الأمر لا يعدو مجرد مصادفة.

أليكسندرا تصف الأمر بأنه “سفر عبر الزمن”، كونها قادرة على تذكر كل ما سمعته ورأته وشعرت به في أي وقت مضى عليها، بما في ذلك الشعور الممضي لصداع مؤلم أو التلذذ بطعام محبب لم تتذوقه منذ زمن! هذا يعني أن بإمكان أليكسندرا، تلك المحظوظة، أن تعيش أسعد لحظات حياتها مرارًا وتكرارًا حسب الرغبة وبأدق التفاصيل! والمدهش هو أنها تفعل هذا كثيرًا؛ حيث تقول أن الأمر مغري لأقصى حد وأنه تتمنى لو تقضي اليوم بطوله في الماضي لولا أن لديها أعمالًا والتزامات أخرى تنتزعها من هذا الطقس الممتع كل يوم!

وبالعودة إلى ريبيكا، نجد أنها تشارك حاليًا في بحثين مهمين لدراسة الذاكرة البشرية بالتعاون مع عدد من العلماء بالولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا؛ وتأمل أن تساعد هذه الأبحاث وغيرها الأشخاص الذين يعانون من الخرف Dementia أو الألزهايمر Alzheimers.

الهدف من تلك الأبحاث هي معرفة المزيد عن الطريقة التي تعمل بها عقولنا فيما يتعلق بالذاكرة لعلاج أمراض الخرف والألزهايمر أو حتى الوقاية منها. ألزهايمر له مكانة خاصة للغاية في قلبي لأن زوج أمي عاني منه طويلًا وكنت أحبه كما لو كان أبي البيولوجي الحقيقي.

المؤسف في الأمر هو أن هذه الهبة قد تنقلب في كثير من الأحيان إلى نقمة لعدم قدرة المصابين بهذه الحالة على نسيان تجاربهم الشخصية المؤلمة أو الصدمات النفسية وحتى الحوادث الجسدية كذلك. الأمر ليس انتقائيًا على الإطلاق، لذا تكفي إي إشارة أو تلميح لحادثة أو ذكري أليمة إلى إطلاق ذكراها حية ملتهبة في عقل ريبيكا ومن مثلها بحالة HSAM. تخيلوا أن تضطروا لعيش حادث السيارة منذ 6 سنوات كأنما تتعرضون له لأول مرة؛ وتخيلوا الألم الذي اعتصر القلب عند فقدان أحد الأحبة يتجدد كل مرة مع ذكر اسمه كما شعرتم به لأول مرة عند تلقي الخبر المشئوم!

لا أعلم كيف يمكن أن يحيا المرء بمثل هذه المنحة الغريبة؛ لكني أعلم أن صاحبها هش قد عانى وسيعاني كثيرًا. كيف تتعامل ريبيكا وأليكساندرا وغيرهم من المميزين بهذه الهبة كي لا يفقدوا صوابهم ويجنّوا تمامًا؟ لا أعلم على وجه التحديد وللأسف يقع هذا خارج حدود أنظارنا هنا في عالم الإبداع …

 

مراجع: 1 2 3

رابط المقال الأصلي: الحالة الغريبة لريبيكا شاروك: تتذكر أدق تفاصيل حياتها منذ أن كانت بعمر 12 يومًا!.

عالم الإبداع: http://ift.tt/yPI3xM

fromعالم الابداع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق